'رفض شباب محتجون تعهدات حسني مبارك بمغادرة السلطة في نهاية الفترة الرئاسية بحلول ايلول (سبتمبر) المقبل واجراء تعديلات دستورية وشيكة.
وكان الرئيس المصري حسني مبارك اعتبر ان المعارضة رفضت الحوار وقال ان مسؤوليته الاولى الان هي استعادة امن الوطن واستقراره لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في اجواء تتيح تسليم المسؤولية لمن يختاره الشعب في الانتخابات الرئاسية المقبلة وتابع يقول: لم اكن انتوي الترشح لرئاسة جديدة وانني حريص الآن على ان اختتم عملي من اجل الوطن بشكل يضمن تسليمه ومصر آمنة ومستقرة وبشكل يحفظ الشرعية والدستور.
وتابع: انني سأعمل خلال الاشهر المتبقية من ولايتي على تحقيق الشروط لتحقيق ذلك¡ وانه يدعو المجلسين لمناقشة المادتين 67 و77 اللتين تحددان شروط الترشح للرئاسة ومدتها.
وتابع قائلا: ليتمكن المجلسان من ذلك وضمانا لمشاركة كل القوى السياسية في هذه المناقشات فانني اطالب البرلمان بالتزام بكلمة القضاء واحكامه في الطعون على الانتخابات التشريعية الاخيرة وساتابع الحكومة على شكل يتابع ما يريده الشعب.
وخرج'الثلاثاء الاول من شباط 'فبراير' او يوم 'المظاهرة المليونية' كما سيذكره التاريخ. اكثر من مليون مصري 'حجوا' الى ميدان التحرير الذي تركزت عليه انظار العالم. ومثلهم عدة ملايين اخرين في مختلف محافظات مصر. مشهد يضع الثورة المصرية في موقع متقدم عندما تقارن بأي ثورة في التاريخين القديم والحديث. ومشهد سياسي اخر ما كان يمكن لاحد ان يحلم به قبل اسبوعين. قوى المعارضة تشترط لقبول الحوار مع النظام ان يرحل حسني مبارك اولا.
فشلت كل محاولات النظام في ارهاب الناس لمنعهم من الخروج¡ بما في ذلك 'متصلون' مفترضون بالتلفزيون الحكومي حذروا من ان من سيخرج قد يعود ليجد 'اهله مذبوحين'¡ وانباء رسمية عن فرار 17 الف مسجون بعد قيام 'مسلحين' بفتح السجون. لا احد يصدق اعلان الحكومة الجديدة عن اعادة نشر قوات الامن.
وزارة الداخلية الرهيبة تعلن اعادة شعارها القديم 'الشرطة في خدمة الشعب' بعد ان جعله حبيب العادلي 'الشرطة والشعب في خدمة الوطن'¡ وفسره البعض بأنه يقصد 'في خدمة النظام'. الساكن الجديد في 'لاظوغلي' (منطقة بوسط القاهرة تضم المقر الرئيسي لمباحث امن الدولة التي طالما اثارت الرعب عند ملايين المصريين) يتقاعس في تلبية مطالب الشعب باعادة الشرطة الى الشارع¡ ربما خوفا من هذا التنين الغاضب (الشعب سابقا). نعم الشعب الذي طالما اتهمه بالجبن والضعف والعمالة¡ محللون و'خبراء' مزعومون.
الشعب بمعاونة الجيش قام بتأمين المظاهرة المليونية¡ بما في ذلك تفتيش المشاركين فيها لمنع دخول الاسلحة ورجال الشرطة. لم تسجل مشاجرة او حادث سرقة او تحرش جنسي واحدة او هجوم على كنيسة. اختفى التوتر الطائفي وظواهر الكبت والعنف الاحباط¡ مع اقتراب زوال النظام الذي ظهرت في عهده هذه الامراض الغريبة.
فنانون ورجال دين وطلاب وعاطلون واطباء واطفال يرفعون علم مصر. يوم قد يصبح في المستقبل عيدا للوطنية وللحرية. شباب قالوا انهم جاؤوا من طنطا (على بعد مائة كيلومتر) سيرا على الاقدام بعد ان اوقفت الحكومة حركة القطارات لمنع المظاهرات. اخرون اتوا من مدن ابعد كثيرا¡ كل بطريقته¡ في تصويت قومي ومباشر اسقط شرعية الرئيس مرة اخرى. لم يبق شارع او حارة او ميدان في مدينة او بلدة او قرية الا وصرخت في يوم المظاهرة المليونية¡ وطالبت'مبارك بالرحيل¡ لكنه لم يفهم او لم يسمع¡ او مازال يبحث عن 'مخرج آمن ومشرف' اصبح يزداد صعوبة مع كل دقيقة تمر.
كبار الصحافيين والاعلاميين والسياسيين الذين قاموا بدور 'ابواق النظام' بجدارة وكفاءة و'بجاحة' يحسدون عليها لسنوات بل وعقود احيانا¡ اما اختفوا عن الانظار بانتظار ان 'يفهموا' او بدأوا بالفعل في القفز من السفينة الغارقة¡ لو اثبت بعضهم عبقرية نادرة في العاب السيرك وتحولوا 'بقدرة قادر الى ثورجية' ينتقدون الدكتاتور ونظامه وعهده¡ ويشيدون باللواء عمر سليمان املا في الحفاظ على مناصبهم والاهم 'مكاسبهم'.
الرسالة الواضحة التي اجمعوا عليها: اتركوا مبارك يكمل فترته الرئاسية¡
بينما ترتفع في ميدان التحرير يافطات تعلن سقوط 'الاعلام الرسمي' فيما انتصبت شاشات تعرض بث قناة الجزيرة ردا على قرار النظام باغلاق مكتبها¡ فيما قررت قنوات عربية بينها 'الحوار' و'او تي في' اللبنانية وغيرهما¡ الانضمام للبث الحي للقناة تضامنا.
ثورة دفع المصريون بالفعل ثمنها غاليا¡ الامم المتحدة قدرت عدد الشهداء بما لا يقل عن ثلاثمائة. اخرون يخشون ان يكون الرقم الحقيقي اكبر بكثير. العائلات التي فقدت الامن¡ وتفقد مع مرور كل يوم مستلزمات الحياة الاساسية مع انباء عن وفاة مواطنين في طوابير الخبز.
المحتفلون بنجاح الثورة¡ والمبهورون بعزيمة هذا الشعب (خير اجناد الارض) والشامتون في النظام¡ والمتربصون بمصر والحاقدون عليها¡ ومن يعلمون ومن يحسبون انهم يعلمون¡ اتفقوا على ان ايامه صارت معدودة بانتظار 'الكلمة الاخيرة' من الجيش الذي يصر على احترام تقاليده العريقة¡ تاركا القرار لمبارك الذي قال مرة لاحد اعوانه 'انا عندي دكتوراه في العناد' حسب رواية الاستاذ هيكل.
كثيرون يحاولون ركوب 'جواد الثورة'. لا احد يزعم انه يستطيع ان يروضه. لا احد يعرف'اين المقود.
رئيس الوزراء الفريق احمد شفيق يظهر في ملابس غير رسمية بالتلفزيون مؤكدا استعداده للحوار مع الشباب. النظام على ركبتيه بأي مقياس في معجم التاريخ السياسي المصري الحديث.
جماعة 'الاخوان' تعرض 'خريطة طريق' للوصول بالبلاد الى 'بر السلامة': مبارك الذي فقد الشرعية يجب ان يذهب اولا¡ ثم يتولى رئيس المحكمة الدستورية الرئاسة مؤقتا¡ حل البرلمان¡ اجراء انتخابات جديدة ونزيهة¡ تبني دستور جديد¡ واجراء انتخابات رئاسية نزيهة.
مفاوضات ساخنة وتاريخية في كواليس قصر العروبة (مقر رئاسة الجمهورية في ضاحية مصر الجديدة الراقية بالقاهرة). هل يعلن الرئيس تفويض صلاحياته الى نائب الرئيس ام يعلن عجزه عن اداء مهامه ليتولى مهامه رئيس الوزراء حسب التعديلات الجديدة للدستور¿
هل سيكتفي المتظاهرون بهذا¿ الى اي مدى يريدون الذهاب في اهانة 'الرئيس' الذي ولد معظمهم في عهده¿
الى متى يمكن ان تصبر القوات المسلحة على هذا الوضع غير القابل للاستمرار¿ هذه الدبابات في ميدان التحرير يجب ان تعود الى ثكناتها والا بدأت اعراض الانهيار وامراض الفوضى من الاقتراب منها¡ خاصة بعد انباء اذاعها التلفزيون الرسمي حول تعرض محلات تبيع زي القوات المسلحة للسرقة.
مصر الى 'لحظة دراماتيكية' تستعصي على الخيال. فانظروا جيدا¡ الى عالم لن يبقى طويلا كما كان
نقلا عن موقع فوستا.
0 التعليقات:
إرسال تعليق