التوأمان متطابقان في كل شيء إلا اللون
لم يكد يتجاوز التوأم كيدون ولايتون وود سن الخامسة عندما أصبحا مشهورين يشار إليهما بالبنان. وكان الصبيّان اللذان درجا على ارتداء ملابس متطابقة كثيراً ما يستوقفهما المارة في الشوارع والذين لا يكادون يصدقون عندما يتم إخبارهم بأن الصبيين ليسا أخوين شقيقين فحسب وإنما هما أيضاً توأم. ففي واقع الأمر ظل الصبيان التوأم يتصدران الصفحات الأولى من الجرائد الإقليمية منذ أن رأيا النور وخرجا إلى الحياة لأن أحدهما أبيض والآخر أسود. يشار إلى أن بريطانيا تشهد ولادة 12 ألف توأم في كل عام، منهم 386 توأما من السود أو من عنصر عرقي مختلط بيد أن هنالك ندرة في من هم من أمثال كيدون ولايتون، حيث لا توجد إلا أسرة واحدة فقط في العام الواحد يولد لديها توأم أسود وأبيض، ولكن بما أن هذه الظاهرة التي كانت ذات يوم غير معروفة ولم يسمع بها أحد أصبحت حاليا تزداد يوما بعد يوم حتى أن بعض الخبراء يتوقعون أن إنجاب توأم على طرفي نقيض من حيث اللون قد يصبح في واقع الحال شائعاً ومنتشراً. لقد تم التطرق إلى هذه الظاهرة بالبحث والاستقصاء في برنامج توثيقي عرض على شاشة "بي بي سي تو" ضمن حلقة من برنامج العرق المختلط "مكسد ريس". يتابع الفيلم التوثيقي قصة خمس عوائل لديها توائم من أمثال كيتون ولايتون، حيث يستقصي الفيلم التفسيرات العلمية لهذه الظاهرة المثيرة للاهتمام.
يتحدث في هذا السياق الدكتور جيم ويلسون وهو اختصاصي علم الوراثة السكانية بجامعة إدنبرة موضحا هذه الظاهرة بقوله: "يمكنك أن تتكهن بأن زوجين من سلالة خالصة من الجنس الأبيض لا يمكن أن يكون لديهما توأم أبيض وأسود تماما مثلما أن الزوجين من سلالة أفريقية خالصة لا يمكن أن يكون لديهما توأم أحدهما أبيض والآخر أسود. وبكل حال ليس من الممكن التكهن على وجه الدقة بلون الأشخاص الذين يكون لديهم إرث أفريقي وأوروبي مختلط. وبما أن الآباء يسهمون بما نسبته 50% من الجينات الوراثية لكل مولود لهم فإن من المؤكد الجيل الأول المولود لدى زوجين من سلالة عنصرية مختلطة سوف يكون لونه وسطا بين اللونين. بيد أن أطفال الجيل الثاني سوف يكونون مختلفين. ذلك أنه إذا تزوج أحد الأحفاد من شريك حياة من البيض فإن من المحتمل أن يكون لديهما طفل أبيض لأنه لم تعد هنالك متغيرات أبيض - أسود بنسبة 50%."
وأردف يقول: "عندما يكون أحد الزوجين من سلالة عنصرية مختلطة والآخر من سلالة البيض لا يزال من غير المحتمل أن يولد لهما طفل أبيض، ولكن طفلا واحدا في كل عشرة أطفال يصبح حاليا من سلالة عنصرية مختلطة مما يعني أن هنالك احتمالا بأن يصبح أمر ولادة توأم أبيض وأسود أمرا شائعا ومنتشراً"
تعمل كيري والدة كيدون ولايتون بوظيفة إدارية حكم محلي في ويدنز وهي تبلغ من العمر 32 عاما ومتزوجة من بول الذي يبلغ عمره أيضا 32 عاما ويعمل محلل خدمات لوجستية للخدمات الصحية الوطنية
كيدون ولايتون مع أمهما
تتحدث كيري قائلةً: "عندما خرج التوأم إلى الحياة أخبرني الأطباء في بادئ الأمر بأن من الواضح أن لديهما شيء من الحمى الصفراء الأمر الذي يشي بأنهما يعانيان كليهما من اصفرار خفيف في اللون. ولكن لون الصبيين بدأ يتغير تدريجيا وفي غضون ستة أسابيع كان من الواضح تماما أن أحدهما أبيض اللون أشقر الشعر وبعينين زرقاوين في حين أن الآخر ذو بشرة داكنة اللون وشعر مجعد أسود اللون. " تستطرد كيري قائلة: "إنني من أصل مختلط، حيث إن والدي من نيجيريا ووالدتي بيضاء ووالد الطفلين أبيض أيضاً"
يستمر الدكتور ويلسون قائلاً: "هنالك حوالي 20 مورثة - جينة وراثية (من حوالي ما إجماليه 20,000 جينة) من المعروف أنها تتحكم في لون البشرة ولون العينين. وفي كل جينة هنالك متغير للبشرة الفاتحة وآخر للبشرة الداكنة فإذا كانت متغيرات البشرة الداكنة لديك أكثر في الحمض النووي - البصمة الوراثية فإنك سوف ترث بشرة داكنة اللون وإذا كانت متغيرات البشرة الفاتحة أكثر سوف ترث بشرة فاتحة اللون."
يرث كل منا كمية متغيرة من الحمض النووي من أجدادنا. إذا كان الأجداد الأربعة جميعهم من ذوي الألوان المختلفة فإن الكمية الموروثة من جينة محددة من كل من أولئك الأجداد هي التي تؤثر ليس فقط على لون البشرة، وإنما أيضا على ملامح الجسم وقسماته.
أيهما كيدون وأيهما لايتون؟
"وعليه يمكن أن يكون لديك شعر أفريقي وهو أمر مثير جداً لأنه نادر جدا أو يمكن أن يكون لديك مولود ببشرة داكنة اللون وشعر أوروبي. ومن الممكن أيضا أن يكون هنالك أشخاص بعيون زرقاء" وفقا لتصريحات الدكتور ويلسون. إن السبب الوراثي لهذه الظاهرة قد يسهل فهمه نسبيا، ولكن مواكبة ردود الفعل الاجتماعية يمكن أن تكون معقدة بقدر كبير.
تقول كيري: "كنت مؤخرا في أمريكا مع صديقتي المفضلة وهي بيضاء من الشقراوات وكان الجميع يفترضون أن لايتون ابنها وكيدون ابني. أينما ذهبنا كنا نضطر لأن نوضح أن الصبيين في حقيقة الأمر توأم وأن أمهما واحدة هي أنا." "لقد ظهرت صورة للصبيين في الجريدة المحلية وكتب أحدهم يقول إنني ينبغي عليَّ أن أترك لايتون في كنف عائلة من البيض لتنهض بأعباء تنشئته. وكان ذلك مزعجا للغاية."
"برغم أن الطفلين قريبان من بعضهما فإنهما حاليا يلاحظان الفروق بينهما بطرق بسيطة وعندما يرسمان صورتيهما فإن لايتون يرسم نفسه باللون الأصفر مثل بارت سيمبسون بينما يرسم كايدون نفسه باللون البني. وعندما يأتي ابن خالتهما، وهو أيضا أبيض، لكي يلعب معهما فإنه هو ولايتون يطلقان على فريقهما الفريق الأبيض الأمر الذي قد يؤذي لايتون لكونه يشعر بأنه بات معزولا. ويدرك الطفلان أنهما متساويان برغم من اختلافهما في اللون وأنهما يحظيان بذات القدر من الحب كما أن أسرتي ظلت تقدم الدعم لأن هذه الحالة غير عادية." على المدى البعيد